سقف الدين الأميركي وتأثيره علي الاقتصاد السعودي
في زمن ينتظر فيه العالم بفارغ الصبر تطورات الاقتصاد الأميركي، وفي ظل الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها الدين القومي الأميركي والتي تجاوزت حاجز 31 تريليون دولار، يتجه العالم نحو مستقبل غامض وغير مؤكد. فتحدثت الدوائر المالية في الولايات المتحدة عن مخاطر هائلة إذا تفاقمت الأزمة، ولكن الخبراء يرون أنها أزمة عابرة ستؤثر على الاقتصاد الدولي بشكل واضح في مشهد ينذر بالخطر والتحدي.
تفاقم أزمة سقف الدين الأمريكي: تأثيرات داخلية ودولية
تترقب الأسواق العالمية بحذر شديد احتمال تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم جراء ارتفاع سقف الدين الأميركي وتجاوزه الحد الأقصى المسموح به. ويُقدر الدين الأميركي حالياً بـ 31.38 تريليون دولار، ويبلغ الحد الأقصى للدين 31.4 تريليون دولار، مما يعني تجاوز الحد المسموح به. وفي حال عدم قيام الكونغرس برفع سقف الدين، فإن البلاد ستدخل في إجراءات استثنائية، مما سيؤدي إلى عدم الثقة في الحكومة والبنوك وأثر سلبي على الاقتصاد الداخلي ونمو الاقتصاد.
من ناحية أخرى، يرى الخبراء الاقتصاديون أن الدول الغنية بالنفط، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، ستكون أقل تأثراً في حال وقوع أزمة سقف الدين، حيث إنها تمتلك احتياطياً نقدياً واقتصادياً كبيراً، وتتبع سياسات نقدية ومالية ناجحة على المستوى العالمي، وقد ساعدت هذه السياسات في تجاوز الدول الغنية للكثير من الأزمات العالمية، وخاصة في مجالات التعافي من جائحة كورونا وارتفاع نسب التضخم العالمي.
دور الدولار الأمريكي في الاقتصادات العالمية
في عالم الاقتصاد، يعد الدولار الأميركي العملة الأكثر شيوعاً وانتشاراً في معظم دول العالم، حيث يشكل نحو 80 في المائة من اقتصاداتها. يرجع ذلك إلى الاقتصاد الأميركي القوي والملاذ الآمن الذي يوفره للمستثمرين، إضافة إلى الفرص الواعدة والعوائد المجزية التي يقدمها السوق الأميركي. ومن بين المستثمرين الذين يتجهون نحو هذا السوق، هم المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط الذين يستثمرون مدخراتهم في الأسواق الأميركية.
ومع ذلك، يتفاوت تأثير أزمة الديون الأميركية على اقتصادات المنطقة وفقًا لقدرة تلك الاقتصادات على التعامل مع الأوضاع العالمية. ومن الصعب تحديد تأثيرها بشكل دقيق، لكن بالمقارنة مع الأزمة المالية العالمية في 2008، فإن أزمة الديون الحالية كانت أقل حدة على منطقة الشرق الأوسط. ويعود ذلك إلى التركيز على الاستثمارات المنخفضة المخاطر التي تتبعها دول المنطقة ونهجها الاقتصاد المفتوح.
الاقتصاد السعودي وتأثير الديون الأميركية
توقع الدكتور عبدالله باعشن رئيس مجلس إدارة تيم ون للاستشارات المالية، أن تكون الأزمة الحالية لديون الولايات المتحدة الأمريكية تأثيرها محدوداً على الاقتصاد السعودي، وذلك بسبب ما يمتلكه الاقتصاد السعودي من تنوع وازدهار في السنوات الأخيرة، وبنية تحتية قوية في الجوانب التشريعية والمالية والتكنولوجية.
كما يعود ذلك أيضاً إلى الخطوات الهامة التي اتخذتها الحكومة السعودية مؤخراً، مثل تطوير التقنيات المالية وتحديث الممارسات المالية، لجعل سلاسل الإمداد وتدفق الأموال أكثر سهولة وفعالية. كما يعد السوق المالي السعودي من أكبر الأسواق المالية في المنطقة، ويتميز بتنوع القطاعات الاقتصادية المختلفة التي يتضمنها، مثل النفط والغاز والسياحة والبنوك وغيرها. وعلى الرغم من تأثير الأزمة الحالية على أسعار النفط والدولار، فإن اقتصاد المملكة القوي يساعدها على تخطي هذه الأزمات بكل ثقة واستقرار.